
حسن غوتي
الصخيرات تلعق التراب والغبار…لا تزفيت ولا طرقات ولا أزقة ولا زراعة “للكاياص”.. وإلى اليوم ما زالت أحذية المارة تغرق في تراب الحمري والتوفنة ولا حديث أبدا عن دنو الفرج.
يبدو وكأن الزمن متوقف في قرية الصخيرات ..عفوا مدينة الصخيرات، ليس هناك مظاهر للحياة. الليل يشبه النهار في هذه القرية التعيسة التي ظلمها الرؤساء والمنتخبون.. وكونها كذلك ذيلا لعمالة تمارة .. هكذا كتب على الصخيرات أن تظل حذاء للحواضر المجاورة ، لا تلعق سوى التراب والغبار بلا رأس ولا هوية ..منطقة غير محظوظة، وقعت في قبضة مسيرين قادوها إلى الوحل فاغتصبوها وجردوها من ملابسها وأكلوها لحما ورموها عظما، وما زالوا “يكددون” في عظمها لحد الآن، يريدون دفنها بالكامل حتى لا تعود إلى حياتها، لكن هيهات هيهات…
انتفخ الوعاء العقاري لمدن الرباط ، تمارة عين عتيق، وبوزنيقة وهوامشها باستثناء الصخيرات التي مازالت تلعب دور ” المطبخ” للعابربن بين محور تمارة المحمدية…
لا شجر ولا طرق ولا مرافق عمومية أو إشارات مرور، لا شيىء للتاريخ بهذا المكان أو ذاك.. هناك ما يدعو للغرابة أيضا هو بلاهة بعض السائقين الذين لا يميزون في الطريق الثنائية بين اليمين واليسار من شدة معايشتهم للطرق التقليدية ” البيست” التي لم تعد صالحة حتى للدواب…
لا توجد بالصخيرات إشارات ضوء باستثناء تلك التي تسميها الساكنة ” العكر فوق لخنونة ” أغلب الطرق مظلمة ، وشوارع وازقة الصخيرات كلها ” مكربلة” ومعظم المشاريع العقارية تنتظر قدرة إلهية كي تبعث فيها الروح، بل الصخيرات بأكملها مشروع مدينة جامد، ونضرب هنا مثلا عن هذه الفوضى العشوائية ، ما تعرفه أحياء الجماعة ، كالإمارات ولعتاريس وأونيفا، والكاربون والمسيرة والفتح والجديد . والسمار، وو … من جريمة عمرانية في الإفتقار لأبسط وسائل العيش الكريم من ماء وكهرباء وبناء في المستوى وأزقة وشوارع، وإلى حد الآن ما زالت أحذية المارة تغرق في الحمري وغبار الثوفنة، ولا حديث أبدا عن دنو الفرج، فواقع الحال بالصخيرات يفضح انسداد أفق التنمية بهذه الجماعة الصغيرة. وليس هناك شك من تخوف للقاطنين من زيارات أقاربهم حتى لا تستقبلهم القذارة ..ومن المفارقات أيضا بالصخيرات هو ضيق وعائها العقاري المفتوح في وجه التعمير رغم امتداد مساحة المجال الترابي للجماعة، وفي المقابل تعد المنطقة مأوى مهما لدور الصفيح…فهي تضم حوالي 14 دوارا، أشهرها دوار الشياحنة ، لحجر ، أمحيجر “دوار الجديد ” اولاد عميرة، الدايمة وعويطة والفراتيت والوكيلات، وعين الروز والكاربون وساكنة السكة ولوتوروت، …فلا مجال للحديث بالصخيرات عن وجود أحياء وتجزئات سكنية بالمفهوم العصري ، والدور المنتصبة بالمركز على قلتها تخرق أكثرها قوانين التعمير وتصاميم التهيئة التي لا تسمح بتجاوز الطابق الثالث..
رغم كل هذه المشاكل التي تتخبط فيها الصخيرات، إلا أن هناك املا ولو أنه شبيه بالوصول إلى القمر ..معقود على شباب الجماعة في النهوض والاستيقاظ والوقوف وقفة رجل واحد في وجه كل مفسد ومستغل ومغتصب لعروستنا وأمنا وأختنا وحبيبتنا جميعا من أجل تحريرها من أيدي هؤلاء الذين تشير إليهم أصابع الإتهام..تردي أوضاعها، يتحملها رؤساء المجالس الجماعية الذين تعاقبوا على حكم المنطقة بسلطة المال والنفوذ القبلي، إلا من رحم ربي .
ماذا قدم الرؤساء للصخيرات خلال تعاقبهم على تدبير الشأن العام فيها؟ …لا شيء البتة، سوى ما تشهد عليه الساكنة من تحويل الأمكنة إلى مراعي للدجاج والدواب.. وهذا ما يعزز مطلب تخليصها من مسيرين دأبوا على “اغتصابها”، ولم يحاكموا على جريمتهم.. لماذا إذن يحاكم كل شخص اغتصب فتاة بأكثر من خمس سنوات ولم يحاكم من اغتصب مدينة بأكملها ؟
إن الصخيرات، في حاجة إلى وقفة رجل واحد من أجل تنظيفها من قذارات التسيير الفاسد، كي تصبح فعلا جماعة حضرية ليس على الورق فقط ، ويبتعد عن التفكير في تدبير الشأن العام فيها كل محترف للإفساد..تحياتي للشرفاء.