

بوشعيب الضبار
برحيل الأستاذ مولاي مصطفى العلوي، قيدوم الصحافة المغربية، اليوم عن عالمنا، تكون الصحافة المغربية قد فقدت رجلا كرس حياته كلها للبحث عن “الحقيقة الضائعة”.
كان من رواد الصحافة الأوائل الذين بذلوا التضحيات من أجل رفعة شأنها رغم ما واجهوه في سبيل ذلك من تحديات ومتاعب مست حياتهم وحريتهم، ورغم ذلك ظلوا صامدين في خندق الدفاع عن مهنة الحرف.
على المستوى الشخصي والمهني، يمثل لي مولاي مصطفى العلوي الشيء الكثير، فهو الذي فتح في وجهي المجال للممارسة، وعلى يديه تعلمت بشكل مباشر المبادئ الأولية لكتابة الخبر، وكان ذلك من حسن حظي.
بدأت علاقتي معه بإعداد صفحة أسبوعية في صحيفة “الكواليس” سنة 1974 خاصة بأخبار الدار البيضاء، وسرعان ما دعاني إلى الالتحاق به في مكتبه الكائن آنذاك بشارع محمد الخامس بالرباط بالعمارة المقابلة لمبنى البرلمان، ليعرض علي العمل تحت إمرته في مطبعة الصحيفة التي كانت توجد في شارع عبد الكريم الخطابي بحي المحيط، والتي سلمني مفاتيحها في اليوم الثاني بعد أن قدمني للعاملين فيها، واضعا ثقته في شخصي الذي يفتقر إلى التجربة.
للرجل فضل كبير علي لا أنساه أبدا. يكفي أن يكون هو الذي أخذ بيدي في بداية مساري المهني، موجها ومرشدا وناصحا.
كان يمكن لعلاقتي مع صحفي الملوك الثلاثة أن تستمر طويلا، لو أن الحكومة لم تمنع ” الكواليس”، التي توقفت عن الصدور، بعد معاناة طويلة مع الرقابة عايشتها عن قرب، لأنني كنت مكلفا من طرفه بعرض الصحيفة، قبل صدورها، على السادة الرقباء، بمقر الوزارة الوصية على القطاع.
حياته كلها كانت معارك سجلها بقلمه، ولم تكن سهلة على الإطلاق، منذ ستينيات القرن الماضي، وتجلت في الاعتقالات والمنع والمحاكمات. ودائما كنت أجد نفسي واقفا إلى جانبه في الوقفات الاحتجاجية التي كانت تنظم أمام مقر النقابة الوطنية للصحافة المغربية للتضامن معه، بمشاركة عدد من الصحافيين.
واثناء بعض الرحلات الصحافية إلى الخارج، ومن بينها رحلة إلى الديار المقدسة، توطدت علاقتي به أكثر، لأكتشف فيه جوانب وملامح شخصية أخرى بعيدا عن شؤون المهنة وشجونها.
شريط طويل من الذكريات ينساب الآن في ذهني، لكن المجال لا يسمح بالمزيد…وداعا أستاذي مولاي مصطفى العلوي.