
هوسبريس
ترسم الصورة التي بدا عليها الدخول المدرسي يوم الخميس الأخير، أنه لا جديد في الأمر، وأنه مجرد نسخة تتكرر كل سنة دون أن يحصل فيها ما يدعو إلى التفاؤل، فالمشاكل هي نفسها.
الآباء اصطدموا مثل السنوات الفارطة، بالخصاص في عدد من عناوين المقررات المدرسية، بسبب الفوضى التي أضحى يعيشها سوق الكتاب المدرسي الذي أصبح تحت رحمة لوبيات لا يهمها غير دم المغربي الذي تمتصه دون شفقة.
ما سيضاعف من الصعوبات قبل أن يستقر التلاميذ في مدارسهم، فهناك مشاكل حقيقية، يعيشها التلاميذ ومعهم آباؤهم، في اقتناء ما يلزمهم، الكثير من العناوين شبه مفقودة.
وهذه الحقيقة، يؤكدها باعة الكتب أنفسهم…جميع أرباب المكتبات أصبحوا في ظل هذه التغيرات والفوضى في سوق الكتاب، يعتبرون تجارتهم مغامرة، فكل سنة يفاجؤون بطبعات جديدة قبل نفاذ الطبعات السابقة، ما يعرضهم للخسارة، ويعرض معهم الآباء للخسارة والإرهاق أيضا، وهي سياسة استنزافية، جعلت الكتبيين يكتفون بالطلبيات الخاصة، في الوقت الذي كانوا يلجؤون فيه إلى تخزين الكتب حين كانت لا تتغير كل سنة.
الحسن المعتصم، رئيس جمعية الكتبيين بمدينة سلا، في تصريح لإحدى وسائل الإعلام عشية الدخول المدرسي، حذر من تداعيات ندرة عدد من المقررات، مشيرا إلى أنها ستضر بسلاسة الدخول المدرسي في عدد من المدن.
ولم يخف، المعتصم، أن الكتبيين يجدون مشاكل حقيقية في تزويد الآباء بالمقررات المدرسية، مشيرا إلى “قلة الطبعات المنقحة للمستويين الأول والثاني والتي لم يتوصلوا إلا بثلاثة من أصل 14 طبعة منها، والغياب التام لمناهج المستويين الثالث والرابع”.
هذه المشاكل الذي اصطدم بها الآباء والتلاميذ على السواء، تنذر بدخول يشبه دخول السنوات الماضية، صحيح، الكثير من مؤسسات التعليم العمومي استفادت من عمليات الصيانة والصباغة..، ولكن مشاكل المقررات والاكتظاظ في الأقسام ببعض المناطق، ما زالت هي نفسها، وهذه وحدها نقطة سوداء بالنسبة للدخول المدرسي الجديد، فالأقسام في بعض المناطق مازالت تستقبل 40 و 46 تلميذا..بينما نجاح الدخول المدرسي لا يجب أن يرتبط، فقط بالتركيز على التحاق التلاميذ بمؤسساتهم التعليمية، التعليم الجيد يبدأ من 25 إلى 30 تلميذ في القسم..
مؤسسات التعليم الخصوصي ..من قطاع خدمات إلى محلات تجارية
بعض مؤسسات التعليم الخصوصي، تحولت مع كل دخول مدرسي في غياب الرقابة إلى محلات تجارية لبيع الكتب داخل مقراتها، في الوقت الذي يمنعها القانون من ذلك، لأنها تصنف ضمن قطاع الخدمات، وهو ما يعتبر إخلالا بوظيفتها التربوية، من جهة، ومن جهة أخرى يعتبر منافسة غير قانونية للتجار أرباب المكتبات.
فالوزارة مطالبة بتشديد المراقبة على هذه المدارس وإلزامها بإصدار عناوين المقررات المدرسية للسنة الدراسية الجديدة في الأسبوع الأخير من شهر يونيو من كل سنة، ليتمكن الكتبيون من توفيرها، حتى لا يتم التذرع بتفادي هدر الوقت المدرسي، من قبل مدراء مدرائها.
رغم انسداد الآفاق يجاهد المغاربة لتمكين أبنائهم من فرص تعليم أفضل
مدرسة التعليم العمومي، لم تعد تحظى لدى بعض الأسر المغربية بالثقة الكافية، ما دفع بالكثير منها إلى بذل كثير من الجهد لتمكين أبنائها من تعليم، تعتقد انه أفضل واضمن لمستقبلهم بالمدارس الخصوصية، متحملة النفقات الباهظة للمدارس الخاصة التي لا تجد حرجا في الرفع من أثمان الدراسة فيها كل موسم دراسي بحجج مختلفة.
وانطلاقا من هذا الواقع، فإن الآباء يجدون أنفسهم مع مطلع كل عام دراسي، منغمسين في معترك شاق لتأمين المتطلبات واللوازم للأبناء، بالرغم من انسداد الأفق على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية، حيث تكاد تنعدم فرص العمل أمام الشباب المتخرج حديثًا والمنطلق إلى سوق العمل. ومع ذلك تصر الأسر على إعطاء الأولوية لتعليم الأبناء.
المدرسة العمومية ..
يعاب على المدرسة العمومية خلال السنين الأخيرة، اعتمادها في معظم مواد التدريس على أسلوب الحشو والتلقين، ما يرهق التلميذ، ويؤثر على قدراته التحليلية، ويقتل فيه ملكة الإبداع والابتكار، ويحوله إلى شخص عاجز عن القيام بواجباته المنزلية دون مساعدة من الآباء، وهو الأمر الذي يطرح مشاكل إضافية بالنسبة للآباء الذين لا يملكون القدرة العلمية لمساعدة أبنائهم، أو لا يملكون الوقت، فيلجؤون إلى حصص الدعم، فتزيد التكاليف المادية.