ليس بالشعارات الجوفاء.. تُعالج قضايا الشباب

بالعودة إلى تقارير البنك الدولي وغيرها مما تصدره بين الفينة والأخرى المندوبية السامية للتخطيط، إلى جانب التقارير اليومية التي تسجلها العين، من خلال ما تعاينه من احتجاجات واعتصامات، يمكن التأكيد على أن أم المعضلات وأعظم التحديات التي ورثها سعد الدين العثماني عن سلفه، عبدالاله بن كيران، هي إشكالية إدماج الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين سن الخامسة عشر والتاسعة والعشرين عاما، فنسبة كبيرة من هاته الفئة، إما يفتقرون لعمل، أو لمقعد دراسي، المتعلمون منهم لا تتجاوز مستوياتهم الدراسية شهادة التعليم الابتدائي، أو السنوات الأولى من التعليم الإعدادي، والباقي أميون.

هذه صورة عامة ترسمها التقارير وواقع الحال في بلادنا، في وقت تؤكد فيه تقارير اخرى لمؤسسات دولية أخرى أن المغرب يسير نحو شيخوخة مجتمعه، وهو الأمر الذي يدعو إلى الاستعداد لتعويض الفراغات التي يمكن أن يحدثها هذا الأمر، من خلال تأهيل الرأسمال البشري الذي يمتلكه المغرب، وهم هؤلاء الشباب الذين يشعرون بالضياع.

فهي، أي الحكومة، عندما يغيب البعد الشبابي في حصيلتها الأولية المتبجح بها داخل بيتها، فهي تدفن آمال ملايين الشباب، وبالتالي العمل على تضبيب الصورة المستقبلية لخطط ملأ الفراغات التي ستحدثها الشيخوخة التي تتحدث عنها التقارير.

وهي كذلك، عندما تلجأ إلى إقرار العمل بالتعاقد، فإنها تعمل على الدفع بسوق الشغل إلى تعميق الهشاشة وعدم الاستقرار…

نعم، مستقبل الشباب الذي يرتبط به مستقبل البلد، أم المعضلات التي تؤكد المؤشرات أن الحكومة الحالية لا تمتلك رؤية واضحة حولها، فهناك غموض وضبابية، كل ما يبدو من خلال خطابها وبعض ما تسوق له من برامج تهم الشباب وما يرتبط بهم من شغل وتكوين، أن هدفها لا يتعدى مستوى السعي إلى النجاح في تدبير المرحلة، مثلما فعلت الحكومة السابقة، حين تخصص رئيسها في التبشير بمشاريع وآمال، تأكد مع الوقت أنها كانت للاستهلاك فقط، حيث تعمق في عهده غياب تكافؤ الفرص بين أبناء الفئات الاجتماعية على مستوى التعليم والتكوين وحتى في مجال الشغل، في عهده كذلك تعاظمت الأرقام المتعلقة بالبطالة والهجرة السرية، وارتفعت نسبة الاحتجاجات في صفوف الشباب من حاملي الشهادات العليا، وازدادت سلوكيات الإجرام والانحرافات الخلقية.

إن واقع الشباب المغربي، لا يجب أن يواجه بشعارات جوفاء، تسوق لسياسة الإقصاء المطلق التي تخلق من الشاب كائنا محايدا رغما عنه، لا رأي له في ما يجري من حوله، فهؤلاء هم رجال الغد، ومعالجة مشاكلهم اليوم، هي في العمق التحضير للمستقبل بطريقة فيها من العمق والاستشراف الاستراتيجي ما يجعلنا أكثر اطمئنانا على مستقبل البلاد برمها.

لهذا، فإن الإصرار من قبل الحكومة وصناع القرار بشكل عام على التعاطي مع قضايا الشباب بالشعارات الجوفاء، سيفوت على بلادنا فرص الاستفادة من أهم ثروة نتوفر عليها.

  • Related Posts

    حرية التعبير بين الصحافة المهنية والفوضى في مواقع التواصل.

    أكد محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، أن المملكة المغربية تشهد تطورًا ملحوظًا في مجال حرية الرأي والتعبير والتعددية، مشيرًا إلى أن عدد المواقع الإلكترونية بالمغرب بلغ 988 موقعًا،…

    انتقادات أوروبية حادة للجزائر بعد اعتقال الكاتب بوعلام صنصال

    تواجه الجزائر موجة من الانتقادات في البرلمان الأوروبي عقب اعتقال الكاتب بوعلام صنصال، المعروف بمواقفه المثيرة للجدل، على خلفية تصريحات طالت حدود البلاد، وقد أثار توقيف صنصال تنديدًا واسعًا اعتبره…

    اترك تعليقاً

    You Missed

    القصر الكبير: تعيين جديد على رأس مصلحة شرطة المرور…. الضابط مصطفى الشاوي أمام تحديات كبرى.

    القصر الكبير: تعيين جديد على رأس مصلحة شرطة المرور…. الضابط مصطفى الشاوي أمام تحديات كبرى.

    قصف إرهابي على السمارة يكشف الوجه الدموي للبوليساريو.. والجزائر في قفص الاتهام.

    قصف إرهابي على السمارة يكشف الوجه الدموي للبوليساريو.. والجزائر في قفص الاتهام.

    إحباط مخطط إرهابي خطير في الرباط بتنسيق مغربي-فرنسي.

    إحباط مخطط إرهابي خطير في الرباط بتنسيق مغربي-فرنسي.

    طرفاية: مدير متحف أنطوان دو سانت إكزوبيري يسلط الضوء على تاريخ المتحف ومكانته الرمزية.

    طرفاية: مدير متحف أنطوان دو سانت إكزوبيري يسلط الضوء على تاريخ المتحف ومكانته الرمزية.

    خريطة المغرب الكاملة ترفرف في قمة الرقابة المالية بجنوب إفريقيا: إشعاع دبلوماسي ورسائل قوية.

    خريطة المغرب الكاملة ترفرف في قمة الرقابة المالية بجنوب إفريقيا: إشعاع دبلوماسي ورسائل قوية.

    المغرب يتولى رئاسة لجنة أممية للفضاء بفيينا بدعم إفريقي بالإجماع.

    المغرب يتولى رئاسة لجنة أممية للفضاء بفيينا بدعم إفريقي بالإجماع.