وسط تحولات سياسية ومجتمعية كبرى، تبرز السيدة اعتماد الزاهيدي كرائدة في العمل الترابي والقيادة النسائية الفاعلة، من خلال موقعها كرئيسة لمجلس عمالة الصخيرات تمارة، حيث استطاعت في ظرف وجيز أن تضع بصمتها الواضحة في مسلسل التنمية المحلية، وأن تكون صوتًا قويًا وديناميكيًا في خدمة الساكنة، خصوصًا الفئات الهشة والشباب حاملي الطموحات والمشاريع.
رحلة الزاهيدي في العمل السياسي تمتد لأزيد من عقدين، بدأت حين كانت شابة في مقتبل العمر تتابع دراستها الثانوية، وتطمح للانخراط في الشأن العام من باب الإصلاح والمساهمة الفعلية في صناعة القرار، انطلقت داخل حزب العدالة والتنمية، وراكمت تجربة سياسية مهمة كمنتخبة ونائبة برلمانية، قبل أن تنتقل إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي وجدت فيه فضاءً أوسع للتفاعل مع قضايا التنمية والتدبير المحلي بروح انفتاحية وعملية.
منذ توليها رئاسة مجلس عمالة الصخيرات تمارة، انخرطت اعتماد الزاهيدي في دينامية جديدة، قوامها الفعل الميداني، والتنسيق الوثيق مع مختلف الشركاء المحليين والمؤسساتيين، دعمًا للمبادرات المجتمعية والبرامج التنموية الموجهة لمختلف الفئات، خاصة الشباب، النساء، وذوي الاحتياجات الخاصة.
وفي هذا السياق، واحتفاءً بمرور 20 سنة على إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، نظمت عمالة الصخيرات تمارة بتنسيق مع مجلس العمالة، احتفالًا رسميًا لتخليد هذه الذكرى، التي تعود إلى سنة 2005 حين أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله انطلاقتها، كتحول تاريخي في مقاربة الدولة لقضايا الفقر والهشاشة والكرامة الإنسانية.
وقد شكل هذا الاحتفال مناسبة لتسليط الضوء على عشرين سنة من العمل التنموي الميداني، حيث تم عرض نماذج ناجحة من مشاريع ساهمت في تمكين آلاف الشباب حاملي المشاريع من الدعم والتمويل والتكوين، ومواكبة الفئات الهشة وتمكينها من ولوج الخدمات الأساسية، إلى جانب تطوير مراكز اجتماعية ومؤسسات تربوية ساعدت في إعادة بناء الثقة في المؤسسات العمومية.
الزاهيدي، التي تابعت عن كثب تفاصيل هذا الحدث، أكدت في تصريحاتها أن المبادرة الملكية ليست مجرد مشروع ظرفي، بل رؤية استراتيجية ملكية لبناء مغرب متماسك ومتضامن، مشددة على أن المجلس الذي ترأسه حريص على جعل الإنسان محور كل تدخل، وعلى تعزيز العدالة المجالية والاجتماعية.
وأضافت: “ما يميز هذه التجربة هو أننا لا ننتظر الحلول من المركز، بل نبدعها محليًا، من رحم المعاناة، من الميدان، ومن آمال شبابنا وشاباتنا، وأجمل ما في هذه التجربة أنها توحّد كل الأطياف حول خدمة المواطن، بعيدًا عن الحسابات السياسوية الضيقة”.
ويشهد الفاعلون المحليون أن حضور اعتماد الزاهيدي على رأس مجلس العمالة أعطى دفعة جديدة للعمل التنموي بالمنطقة، بفضل متابعتها الشخصية لمختلف المشاريع، وانفتاحها على جمعيات المجتمع المدني، وتبنيها لمقاربة تشاركية تقوم على الإصغاء والحوار والبناء الجماعي.
في مشهد سياسي قلّما يمنح النساء فرص القيادة الحقيقية، تمثل الزاهيدي نموذجًا استثنائيًا لامرأة مغربية قررت أن تكون فاعلة لا متفرجة، وأن توظف تجربتها السياسية لصالح التنمية، وأن تترجم مقولة “الدين لله والوطن للجميع” إلى رؤية عملية في خدمة الإنسان.
اعتماد الزاهيدي ليست مجرد فاعلة سياسية أو رئيسة مجلس عمالة، بل هي قصة نجاح مغربية تُكتب تفاصيلها في الميدان، في الأحياء الشعبية، في القرى المهمشة، وفي قلب كل مشروع يرسم الأمل في عيون المستضعفين، وتبعث برسالة مفادها: بأن السياسة ليست فقط سلطة، بل مسؤولية، ورسالة، وأمانة تجاه هذا الوطن.