حواتمة: إننا مع الولايات المتحدة في معركة مركبة لا تخاض بلغة واحدة وبأدوات واحدة 2/2

نايف حواتمة، الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

حاوره: عبدالنبي مصلوحي

نايف حواتمة، الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، يعتبر من قبل المراقبين والمتابعين للشأن الفلسطيني فيلسوف الثورة ضد الاحتلال الإسرائيلي، قدم الحلول الواقعية والعملية في مختلف مراحل الصراع، كان له ولا يزال دور أساسي في صياغة برامج الكفاح ضد الاحتلال والاستيطان.

في هذا الجزء والاخير من الحوار الذي خص به جريدة “هوسبريس” الالكترونية، يتابع تفكيك ما بات يعرف بـ”صفقة القرن” التي يقدمها ترامب ونتنياهو..نتابع نص الحوار:

■ كيف تقرؤون الموقف العربي؟

■■ «رؤية ترامب» تسير على مسارين. الأول الإقليمي، الثاني فلسطيني – إسرائيلي. عرضنا خطتنا وبرنامجنا الكفاحي في مجابهة الرؤية (الخطة) في المسار الوطني الفلسطيني.

أما على المسار الإقليمي فإن هدف الخطة فهو إقامة حلف إقليمي عربي – إسرائيلي، أميركي للهيمنة الإمبريالية على المنطقة، بذريعة مكافحة الإرهاب، وتطويق البرنامج النووي والإمتداد السياسي لإيران، مصدر الإرهاب وحاضنه الرئيس، وفقاً لمعادلات ترامب.

لا نخفي أن المسار الإقليمي تقدم على المسار الوطني الفلسطيني، في إنفتاح بعض الأنظمة العربية على إسرائيل، كالبحرين، وقطر، وعَمّان، وأخيراً اللقاء بين رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان، ورئيس حكومة الإحتلال نتنياهو.

نحن ندعو الدول والأنظمة العربية إلى الإلتزام ( كحد أدنى) بما قررته القم العربية في بيروت (2002) وفي عَمّان، والرياض وتونس، التي جددت إلتزامها بمبادرة السلام العربية، التي رهنت العلاقة مع إسرائيل بالإنسحاب الشامل من كل شبر من الأرض العربية المحتلة في حرب حزيران العدوانية عام 1967 (الضفة وفي القلب منها القدس، والجولان السوري المحتل، ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا في لبنان)، كما تدعو إلى الإلتزام بقرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع أية دولة تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل وتنقل سفارتها إليها، ومواصلة دعم القضية الفلسطينية في الميدان (مالياً واقتصادياً في ظل الحصار الإسرائيلي) وفي المحافل الدولية، في نضال شعبنا من أجل حقه كاملاً في تقرير المصير والاستقلال والعودة.

■ ماهي التحديات التي يفرضها الواقع الجديد للصراع مع العدو الإسرائيلي؟

■■ الواقع الجديد للصراع مع العدو الاسرائيلي لاسابق له. فنحن الآن أمام حالة يتطابق فيه الموقف الأميركي مع الموقف الإسرائيلي. بل إن سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، ديفيد فريدمان، يتقدم على حكومة الاحتلال في تطرفه ضد مصالح شعبنا وحقوقه. وبتنا، في الوقت نفسه، أمام موقف إسرائيلي يلتقي فيه اليمين، مع اليمين المتطرف، مع يمين الوسط، وحتى مع الوسط، في مشروع ضم غور الأردن وشمال البحر الميت، وتطبيق ما جاء في رؤية ترامب. وبالتالي بات هامش المناورة أمام الحالة الوطنية الفلسطينية محدوداً، كما بات هامش الرهانات أمامها هو الآخر محدوداً. ما يحتم علينا، كفلسطينيين، أن نستعيد، كضرورة حتمية، لا مهرب منها، وحدتنا الداخلية بإنهاء الإنقسام وبناء الشراكة والوحدة الوطنية، وأن نستعيد القاعدة التي تؤكد أن العامل الفلسطيني هو الحاسم في المعركة، وأن المعركة في الميدان، هي السبيل إلى الفوز بالحقوق، ما يحتم علينا وضع كل الرهانات الأخرى جانباً.

بقدر ما نتوحد، وبقدر ما نتمسك بالموقف الصلب الثابت، وبقدر ما نصمد، بقدر ما ننجح في استنهاض الدعم القومي العربي والدولي لقضيتنا. في الحركة الشعبية العربية، وفي العديد من العواصم العربية، خاصة الدول المغاربية حيث علامات النهضة الوطنية والقومية لا تحتاج إلى تأكيد، وكذلك ننجح في استقطاب التأييد الدولي الصديق في روسيا والصين وغيرها. وما يجري الآن في الاتحاد الأوروبي من تطورات ونقاشات، يؤكد أن الاتجاه العام لدول الاتحاد هو الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، التي تكفل لنا حقنا في الخلاص من الاحتلال والاستيطان. وننظر إلى تصريحات ممثل السياسة الخارجية للاتحاد، خوسيه بوريل، في التزام «الاتحاد» الشرعية الدولية ورفضه «رؤية ترامب» نظرة إيجابية، كما ننظر إلى تحذيرات «الاتحاد» لإسرائيل بالاعتراف بدولة فلسطين في حال باشرت بضم المستوطنات، نظرة إيجابية أيضاً، والموقف الايجابي لـ (107) أعضاء كونغرس أميركي ديمقراطي، ضد خطة «رؤية ترامب» ومع حل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة. وهذا بالطبع تراكم في الموقف نتيجة لصمود شعبنا وثباته ونضالاته وتضحياته الغالية.

■ ما هي آفاق العلاقات مع الولايات المتحدة؟

■■ نحن لا ننظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها كتلة موحدة صماء. بل ننظر إليها كياناً سياسياً متحركاً، يجمع بين الإدارة العليا، والأحزاب والتيارات والقوى والفعاليات المجتمعية. وبقدر ما ننجح في قراءة اللوحة وقراءة الخارطة، بقدر ما ننجح في رسم سياسة صائبة عبر أكثر من محور.

بشأن الإدارة الأميركية، فيجب أن نسقط أي رهان على إمكانية أن تعدل في موقفها، إلا إذا اصطدمت، فلسطينياً بموقف صلب ثابت خارج أي رهان على إمكانية التقاطع مع «رؤية ترامب».

أما في الكونغرس فنحن نراقب الصراع الدائر في صفوفه بين جمهوريين وديمقراطيين، في الجامعات والتيارات الفكرية السياسية ونرى أن على الدبلوماسية الفلسطينية، والعربية، أن تجيد التعامل مع هذا الصراع.

على صعيد الشارع في الولايات المتحدة، هناك جالياتنا الفلسطينية والعربية في العديد من الولايات والمدن الأميركية، والقوى الصديقة، التي تشكل في مجموعها رأس الحربة في النضال الوطني داخل الولايات المتحدة، لكشف حقائق السياسة الأميركية، وكشف زيف إدعاءات اللوبي الصهيوني.

أي إننا، مع الولايات المتحدة، في معركة مركبة معقدة، لا تخاض بلغة واحدة، وبأدوات واحدة، بل تحتاج إلى أكثر من لغة، وإلى تعدد الأدوات، وهذا رهن بحيوية الدبلوماسية الفلسطينية والعربية والدولية، ورهن بحيوية الجاليات الفلسطينية وبحيوية فصائل العمل الوطني في كيفية تفاعلها مع هذه الجاليات. هنا، ندعو إلى إعادة النظر في أوضاع دائرة شؤون المغتربين التي انتزعت من اللجنة التنفيذية في م. ت. ف. وأحيلت إلى جهات أخرى، ما عزلها عن أن تكون جزءاً من السياسة الإستراتيجية الفلسطينية، وحوّلها إلى أداة حزبية من لون واحد، في خدمة سياسة الهيمنة والتفرد، على حساب وحدة الجاليات الفلسطينية وإرادتها المستقلة في بناء أوضاعها بأسلوب ديمقراطي يخدم مصالحها المحلية، ويخدم المصلحة الوطنية العليا لحقوق شعب فلسطين بتقرير المصير والحرية والإستقلال، وحقوق الشعوب العربية في التقدم والديمقراطية والدولة المدنية ودولة الحق والقانون والعدالة الاجتماعية■ 

اترك تعليقاً